إنطلقت الكاتبة والصحافية جمانة حداد في تجربتها المسرحية الأولى من خلال مسرحيتها "قفص"، حيث تحرر من خلالها خمس نساء مسجونات داخل أقفاص نظرة نمطية إليهن يحاولن من خلال حوار يدور بينهن في عيادة طبيب نسائي أن يكسرن الأقفاص التي احتجزن فيها.
للوقوف على تفاصيل مسرحية قفص إلتقينا الكاتبة والصحافية جمانة حداد ، فكان هذا الحوار.
أرحب بك عبر موقع الفن مبروك مسرحيتك الأولى، كيف خطرت لك فكرة مسرحيةقفص خصوصاً أنك كتبت رواية تحمل نفس العنوان؟
هي الرواية أساساً كتبتها كنص مسرحي وعملت عليه المخرجة الرائعة لينا أبيض حتى أصبح مسرحية لا تقرأ بل تشاهد، وخطرت لي الفكرة فأنا إجمالاً لا أخطط سلفاً ماذا سأكتب وكل فكرة تكون لديها الإناء الذي يلائمها لتصل من خلاله ، أحياناً الفكرة تصل من خلال قصيدة وأحياناً أخرى تصل من خلال نص نثري، فكرة خمس نساء "عم يفشو خلقن" كانت بالنسبة لي أفضل ناقل لها هو البنية المسرحية.
هذه أول تجربة مسرحية لك، ماذا تتوقعين أن تكون أصداؤها؟
بالطبع كأي شخص يقوم بمشروع ولا أستطيع التوقع بل أستطيع فقط أن أتمنى أن تنجح وأن يشاهدها أكبر عدد ممكن من الناس، وحين صدرت ككتاب سنة الـ 2014 لاقى صدى رائعاً، وأتوقع أن تصل المسرحية إلى شريحة أكبر من الناس لأن هناك أشخاصاً لا يحبون كثيراً أن يقرأوا بل أن يتلقوا الآراء والأفكار بطريقة مختلفة.
حين كتبت المسرحية كنت "عم تفشي خلقك" حول معاناة المرأة أو أنها موجهة إلى كل من المرأة والرجل؟
المسرحية ليست موجهة للمرأة فقط ونحن دائماً نقع في خطأ تحديد نوع الجمهور، وأنا لا أكتب فقط للمرأة بشكل خاص يمكن أنني اكتب عن المرأة وكما قلت في المسرحية كنا في أقفاص نساء ورجالاً وبالنسبة لي العالم العربي هو قفص كبير، سياسي واقتصادي واجتماعي وكلنا موجودون فيه والحياة أحياناً تكون قفصاً وهناك أقفاص نضع نفسنا فيها وهناك أقفاص تضعنا فيها الحياة وظروفها.
فكرة المسرحية الرئيسية هي أن البيئة المحيطة فينا تضعنا في قفص أو حتى أفكارنا نحن وموروثاتنا الاجتماعية تجعلنا حبيسي أقفاص خاصة بنا؟
صحيح خصوصاً الأمور التي نرثها ولا نعيد النظر فيها هذه أقفاص خطيرة جداً.
هي ثورة على التقاليد المتوارثة التي لا نفكر فيها ونحاول أن نرى إذا كانت صحيحة أم خاطئة، على الأشياء التي نعتبرها مسلمات ولا نعيد النظر فيها ونعتبرها صحيحة وهي من قواعد الحياة، يجب كلنا أن نعيد النظر ونختار ولسنا مضطرين أن نغير خياراتنا ولكن يجب أن نفكر هل يا ترى أسلوب الحياة والتصرفات تناسبنا فعلاً أو تقنعنا فعلاً.
أخبريني عن الشخصيات المشاركة في المسرحية.
المسرحية قائمة على خمس نساء كل واحدة منهن تحاول بطريق ما أن توصل قصتها وصوتها لأن صوتها مقموع ولديك المرأة التي توصف بالعانس في مجتمعنا لأنها تأخرت ولم تتزوج وتعتبر وكأن حياتها كانت هباء وكأن هدف الحياة الوحيد أن تتزوج المرأة وتنجب الأطفال، والمرأة المنقبة التي تتحدث أيضاً عن تجربتها وكيف تعيش الحياة من خلف الستار الأسود طوال حياتها منذ سنة الحادية عشرة، ولدينا المرأة الممتلئة التي تعاني من نظرة الآخر لها فتشعر بالنقص بسبب غسيل الدماغ الإعلامي والإعلاني الذي يحدد كيف يجب أن تكون المرأة وكم يجب أن يكون وزنها وكيف تكون جميلة وكيف لا تكون جميلة وهي في قفص نظرة المجتمع لجسمها، ولديك المومس التي وضعت في هذا القفص بسبب ظروفها الاجتماعية وتحكي عن تجربتها وأخيراً لديك المرأة المثلية التي تحب النساء والتي تخبرنا عن تجربتها ومعاناتها.
الفكرة هي ثورة على النظرة إلى المرأة التي تضعها في إطار ولا تتغير، صح؟
صحيح، والمرأة في بعض الأحيان تكون إما أم أحد أو ابنة أحد أو أخت أحد، لا يُنظر إليها ككائن قائم بذاته، كما أن هناك نماذج أخرى مثل المرأة المطلقة والمرأة المعنفة، والكاتب يجب أن يختار نماذج ويستعملها كي لا يوسع الإطار كثيراً وتضيع الفكرة فأنا اخترت هذه النماذج بالذات لهذه المسرحية.
هل تحمل هذه المسرحية رسالة توعوية لتغيير النظرة إلى النساء التي اخترت نماذج عنهن؟
أنا لا أحب الكتابة الوعظية ولا أعظ في كتاباتي لكن حين يسمع الإنسان وجع الآخر لا يمكن أن لا يهتز شيء بداخله وقد يعيد النظر بأمور معينة كانت جامدة عنده هذا هو أملي الوحيد، أنا لست موجودة لأعظ الناس كيف يجب أن تكون الأمور لكنني أخبر القصص، والمسرحية أيضاً في قالب كوميدي انطلاقاً من السخرية السوداء فهناك مواقف تجعلك تحتارين إذا كنت ستبكين بسببها أو تضحكين عليها، وهناك أمور موجودة في الحياة والمسرحية تضحك كثيراً واختارت المخرجة لينا أبيض أن يكون المشهد في عيادة طبيب نسائي والنساء موجودات في هذا المكان الحميم حيث يكشفن عن دواخلهن ويتحدثن بالأريحية نفسها عن أوجاعهن.
ماذا عن اختيار الممثلات هل هن فقط نساء؟
لا، بل هناك نساء ورجال.
ما هو دور الرجال في المسرحية؟
هذه مفاجأة لكن الرجل أيضاً حاضر، وتخطيت فكرة أن الرجل فقط ممثل على المسرح فالرجل موجود أيضاً لأنه مُخاطب والنساء يتوجهن للطبيب وهو الإناء الذي يتلقى الشكاوى والنكات والسخرية، وفي النهاية حين تتحدث المرأة عن نفسها لا توجد امرأة موجودة في المطلق من دون رجل ولا رجل موجود من دون امرأة فهما حاضران دائماً.
كيف اخترت الممثلات؟
قمنا بكاستينغ أنا والمخرجة لينا أبيض ليومين متتاليين في مترو المدينة المكان الذي ستعرض فيه المسرحية وتقدم إليه عدد هائل من الممثلين والممثلات واخترنا خمسة وأنا فخورة جداً أنني أعمل معهن، وكان الاختيار مشتركاً بيني وبين المخرجة وهي من لديها الكلمة الأساسية وهي تعرف من يقدر يوصل الدور نظراً لخبرتها الكبيرة في هذا المجال وأريد أن أتحدث عن كل فريق العمل من تصميم الملابس لشربل فغالي إلى تصميم الغرافيكس أو مساعدي الإخراج أو المنتجة كلهم مجموعة أشخاص نعمل كعائلة كي ننجح هذا المشروع.
لماذا اخترت المخرجة لينا أبيض بالذات؟
أنا اخترت لينا أبيض لأنني منذ أن كتبت النص أحببت أن تتفاعل معه وفعلاً كنت محظوظة كفاية لأكون على حق لأنها كانت تقول لي اليوم إنه لا يمكن أن يخرج أحد آخر هذه المسرحية "كنت بخوت لو حدا تاني بيخرجها"، وهي معنية بالمسرحية كقناعات وكنص أقنعها كقضية أو كمضمون، وهي شخص رائع جداً على الصعيد الثقافي والإنساني والمسرحي.
أنتم محظوظون بمشاركة الممثلة رندا كعدي.
فعلاً رائعة رندا ولا أدري ماذا أقول عنها إنها فرحة كبيرة كانت لنا كلنا أن تكون مشاركة بهذا العمل.
نتمنى لك التوفيق متى ستعرض المسرحية؟
ستعرض ابتداء من الرابع من أيلول في مترو المدينة كل يوم أحد وإثنين الساعة التاسعة مساء وتستمر مبدئياً لشهرين وممكن أن نمدد بحسب الإقبال.